نجحت الأجهزة الأمنية بالإسكندرية، فى كشف أكبر قضية فساد فى المحافظة ، حيث كشفت مباحث الأموال العامة النقاب عن أكبر قضية فساد فى تاريخ الإسكندرية أبطالها هم “اللواء عبدالسلام المحجوب، وماهر بيبرس، وهانى المسيرى” المحافظون السابقون للإقليم، وهي واحدة من أكبر وقائع الفساد الوظيفي بالإسكندرية، والخاصة بتورط محافظين وقيادات كبرى ، بسبب تقاعسهم عن الحفاظ على المال العام وإهدار ما تتجاوز قيمته 300 مليون جنيه، فى أكبر مشروع استثمارى بالمحافظة باسم «الداون تاون» الذى يضم مجموعة من المنشآت السياحية والمنتجعات والأندية، تبين أنها أنشئت بموجب عقود مع شركة لم تلتزم بتنفيذ تعاقدها مع المحافظة، فضلاً عن تحايلها على القانون بتشكيل لجان وهمية من قبل مسئولى المحافظة بهدف «تستيف الأوراق» حفاظاً على الأرض المخصصة للمشروع دون تنفيذه.
كانت معلومات وردت لقسم مكافحة جرائم الأموال العامة، أكدتها التحريات التى أفادت قيام مسئولى محافظة الإسكندرية منذ عام 2004 وحتى اليوم بالإضرار بالمال العام وعدم اتخاذ الإجراءات التنفيذية الواجبة لتحصيل مستحقات الدولة واسترداد الأراضى المتعدى عليها، منذ صدور قرار المحافظ رقم 802/ 2004 الخاص بإلغاء التخصيص الممنوح لشركة «دلتا مصر» للتنمية السياحية والعقارية لتطوير وتنمية وإدارة الحديقة الدولية بالإسكندرية بمساحة إجمالية قدرها 125 فداناً لمدة عشرين عاماً، بموجب عقد انتفاع مؤرخ منذ شهر مايو سنة 1998، لعدم الالتزام ببنود العقد والتعدى على مساحات مملوكة للدولة مخصصة للنفع العام وإهدار المال العام بما يتجاوز 300 مليون جنيه، وأكدت التحريات أنه فى عام 1998 تم توقيع عقد انتفاع واستغلال بين محافظة الإسكندرية والشركة المذكورة، لتطوير وتنمية وإدارة الحديقة الدولية لمدة عشرين عاماً مقابل 9 ملايين جنيه، تسدد على أقساط سنوية، إلا أن مسئولى الشركة حال حصولهم على حق الانتفاع عقدوا العزم على تحقيق أكبر قدر من المنفعة الشخصية والإضرار بالمال العام، وقاموا بإبرام عقود تأجير من الباطن للعديد من المستثمرين.
وكشفت «الوطن» أن تلك العقود الباطلة ضمت أشهر المواقع السياحية الموجودة فى منطقة «الداون تاون» على مدخل مدينة الإسكندرية حالياً، ومنها «شركة إكسبريس للتنمية السياحية والعقارية» (أكاسيا)، و«الدولية للترفيه والاستثمار السياحى» (فانتازى لاند)، و«لاجون للاستثمار السياحى»، وغيرها، وتحصلوا لأنفسهم على قطعة أرض تحت مسمى الشركة الدولية للفنادق والسياحة «داون تاون» المسجلة بأسماء بعض أعضاء مجلس إدارة دلتا مصر، وأثبتوا بالعقود قيمة إيجارية أقل من الحقيقية، وعقب ذلك افتعلوا منازعة تحكيم صورية فيما بينهم، قُضى فيها صلحاً بتخفيض الإيجار لمبلغ 140 قرشاً للمتر سنوياً، وحال علمهم من بعض المسئولين بالمحافظة باتجاه المحافظ لإلغاء التخصيص لتعديهم على المخطط العام والإخلال بشروط التعاقد قاموا بالإعلان عن إفلاس الشركة، إمعاناً منهم فى الإضرار بالمال العام، وقاموا باللجوء للتحكيم ضد قرار المحافظ، وقضى فيه بالرفض وحق المحافظة فى إلغاء العقد.
وتوصلت التحريات إلى تقاعس المسئولين بالمحافظة وحى وسط عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستيفاء مستحقات الدولة وتنفيذ حكم التحكيم ومحكمة القضاء الإدارى القاضى بأحقية المحافظة فى فسخ التعاقد مع شركة دلتا مصر، وتحرير عقود جديدة مع المستأجرين بقيمة إيجارية تتناسب مع طبيعة المكان والنشاط والعائد الذى تدره، أو اتخاذ الإجراءات القانونية حيال التعدى على الأراضى المخصصة للمنفعة العامة، كما تبين أن مسئولى المحافظة اكتفوا بإصدار العديد من القرارات وتشكيل اللجان لإبعادهم عن المسئولية دون الحصول على نتائج واقعية، وأضروا بالمال العامة وسهلوا الاستيلاء عليه وقاموا بإصدار 8 تراخيص بناء بالحديقة الدولية لبعض مستأجرى الباطن، خلال الفترة من عام 2005 حتى عام 2012 بناء على موافقة من محافظى ونواب المحافظين، ما أسبغ المشروعية على حيازتهم للأراضى المعتدى عليها.
وتبين من التحريات أنه فى عام 2008 صدر قرار من محافظ الإسكندرية، اللواء عبدالسلام المحجوب، بتوقيع عقدى انتفاع مع شركة إكسبريس للتنمية السياحية والعقارية بدلاً من العقدين المحررين بينها وشركة دلتا مصر، بمساحة إجمالية قدرها 4700 متر، بعد إضافة 5000 متر، متعدى عليها من أملاك الدولة للعقدين، وبقيمة إيجارية قدرها 13 جنيهاً للمتر، وهى أقل من القيمة الإيجارية بالعقود السابقة، وأقل من مثيلاتها بالمنطقة والمستأجرة بمعرفة ذات الشركة بتاريخ سابق بمبلغ 90 جنيهاً للمتر، وبالمخالفة للقوانين المالية والإدارية بشأن تحرير العقود ما أضر بالمال العام بما قيمته 31 مليون جنيه.
وأضافت التحريات أنه فى غضون شهر يناير سنة 2014، ورد لمحافظ الإسكندرية الأسبق ماهر بيبرس، كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء، متضمناً تصديق رئيس الجمهورية على توصيات هيئة الرقابة الإدارية باتخاذ الإجراءات القانونية حيال مستأجرى الباطن وسحب المساحات المؤجرة منهم، فى ضوء عدم التزامهم بسداد المديونية المستحقة عليهم، وإعادة طرح الأرض مرة أخرى طبقاً لقانون المزايدات والمناقصات.
وعقب ذلك صدرت عدة قرارات أخرى من مسئولى المحافظة بتشكيل لجان لدرء المسئولية عن أنفسهم فقط وليس لتحقيق نتائج فعلية أو حرصاً على المال العام، ومنها قرار بعدم إصدار أو تجديد تراخيص مزاولة النشاط لأى منشأة بالحديقة الدولية، وترتب على ذلك إصدار قرارات غلق إدارى للعديد منها، إلا أنها لم تنفذ بناء على تأشيرة المحافظ هانى المسيرى، المؤرخة فى شهر سبتمبر من عام 2015، والمتضمنة عدم اتخاذ أى إجراءات دون الرجوع له أو لمدير الحديقة، ما يعد موافقة ضمنية على استمرار وجودهم غير المشروع.